التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأهمية الاقتصادية للطبقة الوسطي في المجتمعات الرشيدة



من المتعارف عليه علميا أو حتى بشكل مادي ملموس  هو وجود شرائح عديدة داخل المجتمع .. أي مجتمع وهذه الشرائح لها  العديد من التقسيمات  مثل
التقسيم علي أساس وظيفي مهني ( أطباء / طلبة / محامين )
أو تقسيم علي أساس  النوع ( رجل / امرأة )
التقسيم علي أساس  العمر ( طفل .. شاب/ شابة  ... رجل / امرأة )
وغيرها من التقسيمات المتنوعة كلا علي حسب الغرض من التقسيم 
ولذلك سوف نلجأ في هذا المقال إلي التقسيم المتوافق مع الغرض من المقال وهو التقسيم الاقتصادي  حيث يقسم الاقتصاديون المجتمع إلي ثلاث شرائح ألا وهي  (  الطبقة الدنيا  ، الطبقة الوسطي ، والطبقة العليا )




وسوف نبدأ الحديث عن الطبقتين المتطرفتين  ( الطبقة الدنيا والطبقة العليا ) ثم نتابع حديثنا عن الطبقة الوسطي
الطبقة الدنيا :- ويقصد بها الفقراء حيث أنهم هم شريحة المجتمع التي ينخفض دخلهم السنوي عن استهلاكهم السنوي
وبالتالي فأن أي زيادة في الدخل لهذه الطبقة ستوجه بالضرورة إلي زيادة الاستهلاك نظرا للحاجات الإنسانية الأساسية المحرومة منها تلك الطبقة وهي الطبقة التي تمثل عبئ مستمر علي الدولة حيث أنها الطبقة المتقبلة للإعانات والدعم ويتمثل التحدي الحقيقي لأي دولة نامية في كيفية وضع البرامج اللازمة لرفع المستوي المعيشي لتلك الطبقة وتحويل أفرادها إلي أناس منتجين من خلال برامج إعادة التأهيل وربط زيادة الإعانة بمدي الاستجابة إلي تلك البرامج لإعادة التأهيل والدمج في المجتمع المنتج كأحد عناصر الإنتاج المدرة للدخل القومي  حتى يصلوا إلي مستوي الطبقة الوسطي ومن أفضل النماذج العملية في التطبيق مع تلك الطبقة هو النموذج البرازيلي للزعيم لولا دي سيلفا .


وما يلي رابط لعرض تجربة البرازيل الاقتصادية
http://aymnghazy.blogspot.com/2013/08/blog-post_12.html

من الآثار السلبية للطبقة الفقيرة أنها ليس فقط تمثل عبيء علي الدولة اقتصاديا ولكنها ايضا لا تضيف لمدخرات المجتمع التي من المفترض أن مجموعها يساوي مجموع الاستثمارات والمشروعات التي يتبناها المجتمع كما أنها تعد تلك الطبقة هي المصدر الأساسي لظواهر اجتماعية تضر ضرر بليغ بالمجتمع فمنها يخرج أطفال الشوارع والمجرمين والبلطجية وهم أيضا يخرج منهم إعداد كبيرة تنتمي إلي أصحاب الفكر الديني المتشدد  فهم طبقة  مظلومة كبشر وأداة لظلم المجتمع كله لذلك فان الاهتمام بهم سواء من قبل الدولة أو منظمات المجتمع المدني مسألة امن قومي من الدرجة الأولي

الطبقة العليا : هي الطبقة التي يزيد دخلها السنوي عن مستوي استهلاكها وكذلك مستوي استهلاكها  اعلي مستوي استهلاك ورفاهية ممكن للإنسان وهي طبقة الفوائض  وتلك الطبقة تصل إلي اعلي مستوي من الاستهلاك والرفاهية ثم تثبت عليه وأي زيادة في دخلها بعد ذلك المستوي يمثل زيادة في مدخراتها ونسبة اعتمادها علي السلع المستوردة كبيرة إلي إجمالي استهلاكها ومن المفترض إن كل الزيادة في الدخل لتلك الطبقة توجه إلي الاستثمار المحلي هذا إذا كان الأثرياء يتمتعون بصفات الثري الرشيد ولكن للأسف في مصر يوجه جزء كبير من المدخرات إلي البنوك في الخارج والاستثمار في الأوراق المالية الأجنبية وشراء العقارات في مناطق الأثرياء في الخارج وليس لهم برامج ملموسة لمساعدة الفقراء ودائمي المحاولة للتهرب من الضرائب وعدم إظهار دخولهم الحقيقية ويسعون لدعم السلطة لتأمين مصالحهم وإصدار التشريعات التي تضمن لهم زيادة ثرواتهم فيما يسمي تزاوج رأس المال بالسلطة ولا يستثني من ذلك الا من رحم ربي


الطبقة الوسطي :-  وهي شريحة المجتمع التي يزيد دخلها السنوي عن استهلاكها السنوي بمقدار يحقق الاكتفاء الذاتي من الضروريات لذا فهذه الطبقة تضطر أن تضغط نفقاتها من الضروريات لتحقيق الأمان في الأجل المتوسط والطويل أو بغرض تحقيق قدر من الرفاهية وهذه الطبقة تعيش دائما في صراع الأولويات  . كما انه تلك الطبقة هي التي يقوم عليها اقتصاد المجتمع لأنها هي الطبقة  التي ينقسم دخلها إلي ( جزء للاستهلاك  وجزء للادخار ) فإذا كان حجم الإنفاق علي الاستهلاك 0.8 أي 8 جنيهات من كل عشر جنيهات فهنا يكون بالضرورة ان حجم الادخار هو 0.2 أي 2 جنيه ن كل عشر جنيهات ويصبح مجموع الدخل هنا = 0.8 +0.2 = 1 واحد صحيح  وهو الدخل وهنا يقول الاقتصاديون ان الميل الحدي للاستهلاك للطبقة الوسطي 0.8 والميل الحدي للادخار 0.2  وكلما زاد الميل الحدي للادخار زاد مجموع الودائع في البنوك وبالتالي زاد مجموع الاستثمارات  التي تمول من الودائع وكلما زاد الميل الحدي للاستهلاك زاد الطلب الكلي وبالتالي زاد الطلب علي الاستثمار بغرض مواجهة زيادة الطلب الكلي بصرف النظر عن هذا الاستثمار هل هو محلي او أجنبي وكلما زادت الاستثمارات زادت الضرائب المحصلة من الحكومة علي المشروعات وزيادة الضرائب تخفض عجز الموازنة وبالتالي يزيد النفاق الحكومي كذلك زيادة الاستثمارات تخفض البطالة ونتيجة لزيادة عرض السلع المنتجة ينخفض معدل التضخم علما بأن اثر زيادة الضرائب يكون اقل من اثر زيادة الاستثمارات بمقدار المضاعف فمثلا إذا زادت الاستثمارات بمقدار 50 مليار وبفرض أن الميل الحدي للاستهلاك = 0.8  فالأثر علي الدخل القومي نتيجة لتلك الزيادة في الاستثمار يحسب بالمعادلة التالية  
الأثر  في الدخل القومي = + الزيادة في الاستثمار × ( واحد صحيح ( يمثل الدخل ) ÷ [ واحد صحيح - الميل الحدي للاستهلاك])
الأثر في الدخل القومي =  50 × ( 1 ÷ [  1 – 0.8 ] ) = 50 × 5 = 250 مليار
رقم 5 هنا هو ناتج تخليص القوس وهو يمثل مضاعف زيادة الإنفاق وهو هنا الاستثمار
وإذا نظرنا إلي زيادة الضرائب والتي يعد أثرها تخفيض للدخل القومي لذلك تكون إشارتها سالبة ولتكن الزيادة في الضريبة مقدارها 50 مليار أيضا لتوحيد القيم فيحسب الأثر علي الدخل القومي بالمعادلة التالية
الأثر  في الدخل القومي = - الزيادة الضرائب × ( - الميل الحدي للاستهلاك ÷ [ واحد صحيح - الميل الحدي للاستهلاك])
الأثر في الدخل القومي =  -  50  × ( -  0.8 ÷ [  1 – 0.8 ] ) = -  50 × -4 = 200 مليار
رقم – 4  هنا يمثل مضاعف التسرب من الدخل وهو هنا مضاعف الضريبة
لاحظ أيضا أن بسط مضاعف الاستثمار واحد صحيح موجب إشارة إلي أن الاستثمار يؤدي الي زيادة فرص العمل وبالتالي دخول الأفراد وبالتالي الدخل القومي الحقيقي لهذا إشارته موجبة
كما أن إشارة مضاعف الضريبة – 0.8 الميل الحدي للاستهلاك إشارة إلي تأثر مستوي رفاهية الافراد بزيادة الضريبة وتخفيض دخولهم
لاحظ أيضا أن اثر الزيادة في الاستثمارات 250 أكبر من اثر الزيادة في الضريبة 200 مليار 
طبعا مما سبق نستنتج أن الطبقة المتوسطة  هي
1-    هي التي ينقسم دخلها إلي جزء استهلاك وجزء ادخار ومجوع الجزئيين يساوي الدخل يساوي واحد صحيح
2-    الجزء الخاص بالاستهلاك زيادته تؤدي إلي زيادة الطلب الكلي ومستوي الرفاهية والاستثمار
3-    الجزء الخاص بالادخار زيادته تؤدي إلي توفير التمويل اللازم للاستثمار المحلي
4-    هي الطبقة التي تعد الممول الرئيسي للضريبة علي الدخل
5-    هي الطبقة التي تمول الإنفاق الحكومي عن طريق الضرائب
6-    هي الطبقة التي تمتلك عنصر رئيسي من عناصر الإنتاج وهو عنصر العمل ( المورد البشري المؤهل )
كذلك هي  العاملة والمثقفة والتي تطمح دائما لرفع مستواها المعيشي والثقافي والاقتصادي ومجموع جهودها في هذا الاتجاه هو الذي يشكل الوضع السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي بين دول العالم .
لهذا فأن التحدي الحقيقي لمصر هو توسيع شريحة تلك الطبقة لأنها الطبقة القادرة علي النهوض بالوطن وضمان أمنه القومي وسلامه الاجتماعي وترتيبه المتقدم بين الأمم

 أيمن غازي
باحث اقتصادي مصري 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دور السياسات الاقتصادية في تحقيق منظومة الاستقرار الاقتصادي

دور السياسات الاقتصادية في تحقيق منظومة الاستقرار الاقتصادي من المهم التركيز على أهمية التنسيق بين السياسات الاقتصادية من أجل التوصل إلى استقرار اقتصادي تتجلى مظاهره في استمرار تحقيق لمعدلات نمو اقتصادي تواجهه التزايد المستمر في عدد السكان،  وفى إيجاد فرص عمل لاستيعاب البطالة التي تهدد السلم الاجتماعي والأمن الاقتصادي، وكذلك في أستقرر للمستوى العام للأسعار بما يحفظ للنقود قوتها الشرائية في الداخل والخارج. إن تحقيق الاستقرار الاقتصادي، كهدف لكل سياسات التنمية في دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء، يستلزم التكامل بين الإجراءات المتخذة باستخدام الأدوات المتنوعة لكل السياسات الاقتصادية. إن هذا التكامل يشكل فيما بينها منظومة تتناسق أجزاؤها وتتفاعل أركانها،  حيث تؤثر كل أداة وتتأثر بالأدوات الأخرى على نحو متناغم ومتوازن من أجل تحقيق الغاية التي يسعى المجتمع دائماً إليها وهى الاستقرار الاقتصادي. وهكذا يمكن النظر إلى الفكر المنظومي باعتباره إطاراً للتحليل والتخطيط يمكننا من التقدم نحو أهداف واجبة التحقيق. تعرف"المنظومة "بأنها ذلك التركيب الذي يتألف من

جحيم البطالة / ظلام التضخم / فاشية الدولار / وانبطاح الجنيه

بداية اذا اجتمع عنوان هذا المقال في اقتصاد دولة ما فاعلم أنك لست في جمهورية الموز بل أنت في عرين الفساد والجهل . ولكي نستوعب حجم الكارثة في هيكل الاقتصاد المصري سنقسم عنوان المقال الي أجزاء في كل جزء نتعرف علي مفهومه ثم نحلل العلاقة بين كل جزء ونعني بالجزء هنا المصطلح ( بطالة / تضخم / سعر الصرف ) أولا :- البطالة – البطالة هي عجز نسبة من القوي البشرية القادرة علي العمل ( عدد السكان – الاحداث – المتقاعدين – الغير قادرين علي العمل بسبب الاعاقة = القوي القادرة علي العمل ) عن ايجاد فرص عمل أو هي الفرق بين الطلب علي العمل وعرض العمل وتحليل أنواع البطالة يؤدي الي اشكال متعددة نذكر أهمها مثل البطالة الاجبارية والتي تعني عجز قطاعات الانتاج عن استيعاب طالبي العمل والبطالة الهيكلية الناتجة عن سوء توزيع العمالة في الدولة والبطالة الموسمية والتي تعني تعطل شريحة بسبب ان مهنتهم موسمية والبطالة المقنعة مثل موظفي الحكومة الذين نسبة انتاجيتهم الحدية تساوي صفر نتيجة عدم وجود عمل حقيقي يقومون به السبب الرئيسي للبطالة ( انخفاض حجم الجهاز الانتاجي / الاستثمارات – زيادة الطلب عن العرض مع غياب دور

تحليل مبسط لبندي اجمالي الايرادات والمصروفات لموازنة 2016 – 2017

تحليل بندي اجمالي الايرادات والمصروفات لموازنة 2016 – 2017 بلغت الايرادات المتوقعة لموازنة 16 -17 ما مقداره 631.1 مليار جنيه بينما بلغت في موازنة 15-16 قدر 622.3 مليار بمقدار زيادة 8.8 مليار بمعدل زيادة 1.4 % عن ايرادات 15-16 في حين بلغت مصروفات 16-17 مقدار 936.1 مليار بينما كانت المصروفات المتوقعة ل 15-16 هي 864.6 مليار أي ان المصروفات زادت بمقدار 71.5 مليار بمعدل زيادة يبلغ 8.3 % . وهذا يعني ان معدل الزيادة في المصروفات ( 8.3 % ) أكبر من معدل الزيادة في الايرادات ( 1.4 % ) ليس بضعف او اثنان بل بست أضعاف فكما هو معلوم ومستقر في علم الاقتصاد والمالية العامة فانه اذا كانت معدل النمو في المصروفات يفوق معدل النمو في الايرادات فهذا يعني ويشير صراحة الي وجود فشل اقتصادي يتطلب اعادة الهيكلة فاذا ما اخذنا في الاعتبار الست اضعاف الفارق فنحن بصدد كارثة تهدد بالإفلاس . خاصة وان كل الحكومات والانظمة السابقة والحالية فشلت في اعادة الهيكلة وعلاج التشوهات الهيكلية بالاقتصاد . مما يعني استمرار تفاقم المشاكل الكلية للاقتصاد مثل (( التضخم والبطالة والدين العام والعجز الهيكلي في الموازنة ))