المسارات الاقتصادية المقترحة في الفترة
متوسطة الأجل ( 3 – 5 سنوات )
أولا فيما يخص مجال الاستثمار والتمويل والتشغيل :-
متطلبات هذه المرحلة هي الانتقال بالاقتصاد من مرحلة
التثبيت وعلاج عجز الموازنة إلي مرحلة الانطلاق والبدء في التنمية والنمو المخطط .
**
فلسفة المرحلة .
هناك نظريتين رئيستين
في الاقتصاد لعملية التنمية وهما
1 – نظرية النمو المتوازن ( وتعني تنفيذ مشروعات للتنمية في كافة
القطاعات المتاحة ) وهي تناسب الأجل الطويل لأنها تحتاج إلي وجود فوائض كبيرة
لاستخدامها في ذلك
2 – نظرية النمو الغير متوازن ( وتعني التركيز علي تنفيذ
عدد من المشروعات في القطاعات الاقتصادية القائدة التي يؤدي العمل في أي قطاع منها
إلي أن يسحب معه وينعش قطاعات أخري بشكل غير مباشر ) وهي تناسب المرحلة متوسطة
الأجل لضعف حجم الفوائض الاقتصادية أو انعدامها كما هو في حالة مصر .
لذلك يجب التركيز علي القطاعات الاقتصادية القائدة التي
تتمتع مصر فيها بميزة نسبية دوليا
واري أن تلك القطاعات هي
1 – السياحة : (
كامل المرافق والبنية التحتية تحتاج فقط إلي إنعاش وبرامج تسويق بالتزامن
مع إصلاح الوضع السياسي والأمني الذي لا
يمكن إغفالهما علي هذا القطاع بالذات )
عودة ملايين العاملين بهذا القطاع إلي عملهم سيؤدي إلي زيادة الدخول لمجموع أفراد
المجتمع مما يساهم في علاج الفجوة الانكماشية من جانب ومن جانب أخر يساهم عودة
عائدات السياحة ( 10 مليار ) إلي المساهمة في دعم الاحتياطي النقدي وعلاج عجز
ميزان المدفوعات
2 – الزراعة :
( تحتاج إلي إعادة هيكلة للرقعة الزراعية وكذلك المحاصيل مع علاج مشاكل
الري واستخدام الطرق الحديثة في الري والزراعة التي تعتمد علي وفرة المحصول أفقيا
ورأسا وانخفاض حجم المياه المستخدمة واستخدام المياه الجوفية ) مع التركيز علي
المحاصيل التي تحقق أحد أمرين
أ – محاصيل بمثابة
بدائل للواردات الزراعية مثل القمح
والمحاصيل المنتجة لزيوت الطعام مما يؤدي إلي خفض مدفوعات الدولة من احتياطي النقد الأجنبي فيدفع باتجاه علاج عجز ميزان
المدفوعات ودعم الاحتياطي النقدي أو وقف نزيفه بسبب تلك السلع .
ب – محاصيل تصديرية تتمتع فيها مصر بميزة نسبية تنافسية
عالية تأخذ في اعتبارها المعايير العالمية
لسلامة الغذاء مما يرفع الطلب الأوربي علي تلك الصادرات وبالتالي تزيد حاصلات
الدولة من النقد الأجنبي .
من ( أ ، ب ) ينتج ما يلي
تخفيض حجم البطالة بمقدار العاملين التي سيستوعبهم قطاع
الزراعة
زيادة دخول أفراد المجتمع بمجموع دخول هؤلاء العاملين
تخفيض الواردات بمقدار قيمة المحاصيل التي تعد بدائل
للواردات
زيادة الصادرات بمقدار قيمة المحاصيل التصديرية
زيادة الدخل القومي بمقدار مضاعف الاستثمارات بقطاع
الزراعة
زيادة الحصيلة الضريبية بمجموع القطاعات الاقتصادية
المشاركة في إنتاج قيمة الدخل الناتج
3 – البنية الأساسية : -
وهنا يجب النظر إلي
البنية الأساسية ليس فقط من منظور خدمة المواطنين ( كمشروعات الصرف الصحي /
والكهرباء الخ الخ ) ولكن أيضا النظر إلي البنية الأساسية من منظور اقتصادي حيث
حجم البنية الأساسية وخريطة توزيعها علي المحافظات المختلفة تمثل أحد حوافز
الاستثمار الهامة جدا خاصة في المجال الزراعي والصناعي وفي كافة المجالات .
كذلك فأن مشروعات
البنية الأساسية تحتاج إلي موارد ضخمة جدا
ولا يمكن لمصر في الأجل المتوسط توفيرها وحتى علي المستوي فوق المتوسط
المتلاحم في الأجل الطويل سيكون هذا صعبا لتغطية المناطق والمحافظات الواعدة
استثماريا . ( مطروح / الوادي الجديد
/ سيناء )
لذلك أري أنه يجب
تحديد خريطة لمشروعات البنية التحتية علي أساس الأجل الطويل ( طرق / محطات كهرباء/ موانئ / شبكات
مياه وصرف صحي / شبكات ومعامل لمعالجة الصرف الصناعي /شبكة جديدة للسكة الحديد /
شركة جديدة للاتصالات الأرضية / محطات
للطاقة الشمسية /والرياح ) يتم طرحها
في مناقصة عالمية بشكل متتالي حجم تلك الاستثمارات عند حدها الأدنى لن يقل عن 300
مليار دولار تضخها الجهات التي تم ترسية المناقصات عليه ستؤدي الي زيادة الدخل
القومي بمقدار مضاعف الاستثمار ( بفرض انه 5 عند ميل حدي للستهلاك0.8 = 300 × 5 =
تريليون وخمسمائة مليار جنيه
إضافة إلي
1-
حجم
الانخفاض في البطالة العاملين التي ستستوعبهم تلك المشروعات
2-
زيادة
الدخل الكلي والطلب الكلي مما ينتج عنه استثمارات جديدة لتغطية هذا الطلب
3-
نقل وسائل
تكنولوجية حديثة جدا لمصر عن طريق الشركات المستثمرة لرغبتها في تحقيق أعلي ربح
تدريب العاملين داخل تلك المشروعات علي مدار حق الامتياز لتلك الشركات مما يؤهل
تلك الكوادر لتحمل المسئولية بعد انتهاء فترة الامتياز وعودة تلك المشروعات لإدارة
الدولة
4-
تحقيق طفرة
نوعية وكمية في البنية الأساسية
5-
توفير
أموال طائلة كانت ستتحملها الدولة لتمويل تلك المشروعات وبالتالي توجيهها لأمور
أخري اقتصادية أو اجتماعية
6-
بالضرورة
سيصاحب تلك المشروعات مشروعات إسكان سواء عن طريق الدولة أو الأفراد أو المستثمرين
الذين سيحفزهم تلك البنية الأساسية للاستثمار في قطاعات أخري تخدمها تلك البنية الأساسية
وكذلك المجتمعات العمرانية الجديدة التي ستنشئ في محيط تلك المشروعات الي طفرة في نشاط التشييد والبناء والذي مرتبط
به حوالي 92 صناعة أخري مما سيؤدي الي طفرة هائلة في الأجل الطويل .
4 – الاكتتابات المشار إليها في الأجل القصير
كنا قد اشارنا في
الاجل القصير ضرورة الإعلان والتشريع لمجموعة من الاكتتابات لشركات قابضة مساهمة
تهتم بتحقيق الاستغلال الكامل والأمثل للموارد المعطلة وأري أنه في الأجل المتوسط
ومع نهايته تكون تلك المشروعات بدأت الإنتاج بشكل مختلف نسبيا وفقا للطبيعة الفنية
للمشروعات وبدأت تضح عوائدها في الاقتصاد القومي .
5 – المالية العامة للدولة
أ - جانب الإيرادات :- لابد من كل ما سبق أن يؤدي إلي تعظيم في
إيرادات الدولة من خلال الضرائب والجمارك وخاصة نظام الجمارك الذي يجب إصلاحه لأن
مصر من أقل التعريفات في العالم وهذا مضر جدا باقتصادنا وأري أنه لابد من ربط
إصلاحات الجمارك برؤية واضحة لملفات التكامل الاقتصادي المستهدفة علي المستوي
الدولي والإقليمي وهذا أمر يحتاج الي بحث دقيق ومعلومات مؤكدة لا تتوفر لنا حاليا . أيضا لابد من اعادة هيكلة المشروعات الإنتاجية
المملوكة للدولة خاصة شركات القطاع العام لتتبني نظم ادارية وانتاجية حديثة ونظم
رقمية في الإدارة
n الضرائب :- لابد أن تتغير رؤية الدولة للضرائب من وسيلة
للجباية وتحصيل الاموال الي سياسة ضريبية تحقق العدالة الاجتماعية .. والتحفيز
الاقتصادي للصناعات الناشئة والمؤثرة علي ميزان المدفوعات وحجم البطالة وموازنة
الدولة
ب
– النفقات : ويتمثل أهمية الترشيد
في النفقات في أربعة جوانب مهمة وهي
الدعم – فوائد خدمة أعباء الدين العام – أجور ومرتبات الجهاز الإداري للدولة –
النفقات الإدارية للجهاز الإداري للدولة والقطاع العام . واري ما يلي
أ – الدعم : لابد من
تحويله لدعم نقدي وهذا أمر سهل بالارتكاز علي قواعد بيانات العاملين بالدولة
ومديريات الشئون الاجتماعية تحرير الأسعار سيخلق توازن ديناميكي وسيجعل التضخم
ظاهر بدل كونه لولبي في ظل وجود الدعم وستختفي السوق السوداء
ب – الديون : لابد من التحرك في عدة مسارات لخدمة الديون وهي.
-
إعادة
جدولة الديون الخارجية والسعي لإسقاطها أن أمكن أو إسقاط الفوائد أو تجميدها
-
جدولة
الديون الداخلية وإعطاء أولويات من الدولة لبعض المشروعات للدائنين الكبار في
مقابل التنازل عن جزء من الديون وتجميد الفوائد
-
أنشاء غرفة
للمقاصة لتلك الديون وتسويتها في الحساب الختامي للدولة فيما بين مؤسسات الدولة
حيث قدر كبير من هذه الديون بين تلك المؤسسات مثل ( البترول – الكهرباء – البترول
والسكة الحديد والعكس
-
تحفيز
أصحاب أذون الخزانة علي استثمار أموالهم الدائنين بها للدولة في مشروعات الدولة
وتحويل تلك الأذون لأسهم ملكية في مشروعات الدولة المطروحة للاكتتاب
ج - الأجور : لابد من اعادة هيكلة الاجور ولست أقصد هنا
الحد الأدنى والأقصى فقط ولكن أيضا ربط الأجر بالإنتاجية فأري أنه لابد من أن يكون
المرتب الأساسي لكل خريجي المؤهلات العليا واحد في كل القطاعات وذلك الأساسي يمثل
حد الكفاية ثم ببعد ذلك تختلف الأجور المتغيرة علي أساس اقتصادي بحت ( طبيعة
النشاط ومعدل العائد منه / إنتاجية العامل التي تحدد الحوافز وغيره وفقا لمعايير
إنتاجية واضحة للجميع بشفافية وهذا هو بداية الطريق لتحقيق العدالة الاجتماعية بما
تعني في قطاع العاملين بالدولة .
د – نفقات أجهزة الدولة :
أول شيء لابد من التوجه للعمل عليه هو تغطيةكل الاعمال الادارية والتواصل بين
القطاعات وخدمات المواطنين عن طريق نظم رقمية تعمل علي خفض التكلفة وادارة موارد
الدولة عند أدني حد للتكلفة واقصي عائد مجتمعي ممكن
تطبيق نظام E R P في جميع
القطاعات الانتاجية المملوكة للدولة بما يحقق تخطيط مستمر وتنمية مستدامة لتلك
القطاعات
أخيرا تجدر الإشارة الي انه من انحيازات حزبنا الهامة هو
الإنسان والإنسان هو احد عوامل الإنتاج لذلك لابد من نظرة اقتصادية لكيفية إعداد
هذا العامل الإنتاجي المهم ( الإنسان ) لكي يحقق لنفسه أعلي عائد ممكن وللمجتمع
والمنظمة التي يعمل بها أيضا أقصي استفادة منه بما يعزز من قيمته وقدرته علي أن
يحي حياة كريمة وهذا ما سوف أفرغه في مبحث خاص قريبا بإذن الله من وجهة نظر
اقتصادية بحتة .
أخيرا : تركيزي في كل
مقترحاتي منصب علي علاج الهيكل الاقتصادي لمصر في اتجاه إحداث توازنات في بين
القطاعات المختلفة مثل ( الاستثمار = الادخار ) ( الصادرات = الواردات ) (
الإيرادات = النفقات ) ( الدخل القومي = الإنفاق القومي )
وسأقوم لاحقا برفع ملف
منفصل اشرح فيه فلسفة ذلك
تعليقات
إرسال تعليق