ظهر أخيرا البيان المالي للموازنة العامة للدولة للعام المالي 2015 – 2016 بعد اعتماده من الرئيس بعد أن كان قد اعاده مسبقا لوزارة المالية لتخفيض عجز الموازنة والذي تم تخفيضه بالفعل من 9.9 % الي 8.9% من الناتج المحلي الاجمالي وتم ذلك في ظل اقصاء تام لكل القوي السياسية والمجتمعية من عملية مناقشة الموازنة
وعلي الرغم من وجود تضارب واختلاف في ارقام الموازنة للعام المالي 2014 – 2015 وهذا ما سنعرض له في موقع اخر بعيدا عن هذا البيان علي الرغم من التأثير المباشر لهذا التضارب علي اي تحليل ممكن
الا أنه من الملاحظ أن وزارة المالية تهدف بشكل اساسي أن يظهر نمو النفقات خاصة علي البرامج الاجتماعية في حدود معدل نمو يدور حول معدل نمو التضخم وهو وفقا لتقديرات وزارة المالية يبلغ 11% حيث ارتفع الانفاق علي البرامج الاجتماعية من 383.459 في موازنة 14-15 الي 428.691 في موازنة 15-16 وهذا يعني ثبات حجم الانفاق اذا ما تم خصم حجم الانفاق علي البرامج الاجتماعية بمعدل خصم مساوي لمعدل التضخم الذي تم تقديره بمعرفة وزارة المالية والذي نري انه غير واقعي خاصة وان معدل التضخم في لحظة كتابة هذا البيان 13.5 % ومرشح للزيادة في ظل ارتفاع سعر الدولار بالتالي زيادة اسعار الواردات ومن ثم زيادة مستوي الاسعار بشكل عام وبناء عليه قد يصل متوسط سعر التضخم في افضل الظروف عن الفترة التي تغطيها الموازنة الي 13% واذا خصمنا النفقات بهذا المعدل سيكون الانفاق الحقيقي قد انخفض . وينطبق ذلك علي كافة اوجه الانفاق
وعلي جانب اخر من النفقات فان مخصصات الصحة والتعليم والبحث العلمي ارتفعت من 141.840 مليار في موازنة 14-15 الي 159.944 في موازنة 15-16 بمعدل تغير يمثل 12.8 % بين الموازنتين وبزياد تقدر بنصف في المائة من الناتج المحلي الاجمالي وهذا الامر يهدد بعدم وفاء الدولة بالاستحقاق الدستوري الخاص بزيادة تلك النفقات مجتمعة الي 10% من الناتج المحلي الاجمالي في موازنة عام 2016 – 2017 والتي من المتوقع ان يكون تقدير الناتج المحلي الاجمالي عن فترتها لا يقل عن 3 تريليون ( ثلاثة الاف مليار ) هذا يعني أن الانفاق علي التعليم والبحث العلمي والصحة لابد ان يكون وفقا للاستحقاق الدستوري 300 مليار جنيه اي زيادة المخصصات الحالية بنسبة 100% . وهذا غير منطقي في ظل وضع الاقتصاد الحالي .
كما أننا نثمن الجهود المبذولة للسيطرة علي دعم الطاقة واستبعاد الشرائح الدنيا من الزيادات الا اننا نطالب برفع عدد الشرائح المعفاة من الزيادة في اسعار الكهرباء الي الشرائح الاربع الاولي بدلا من الثلاث لدعم الشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة .. كما أننا نثمن الجهود المبذولة لإصلاح هيكل الاجور وتثبيت المكافأة والبدلات الا اننا نستنكر عدم اتباع نفس السياسة في شرائح الادارة العليا ونعني بذلك وضع معايير للمكافآت والبدلات التي تعد بمئات الالوف شهريا وضرورة ربط ذلك بتحقيق قيمة اقتصادية فعليا تتساوي مع الكفاية الانتاجية الحدية للذين يحصلون علي هذه المبالغ الكبيرة فلا يمكن قبول ذلك علي طبقتي الادارة الوسطي والدنيا والسماح به في العليا دون معايير اقتصادية تتفق مع القيمة الاقتصادية مع وحدة العمل المنتجة .
كما اننا نري أن وصول مقدار الفوائد عن الديون الي 244 مليار أمر جلل فهذا الرقم يفوق ما يتم انفاقه علي الصحة والتعليم والبحث العلمي مجتمعة حيث انه يمثل 150% منها لذا ندعو الحكومة للابتكار في تخفيف أعباء الديون علي الاقتصاد بمعني محاولة التفاوض مع الدائنين لتحويلها الي أسهم أو سندات في شركات استثمارية مساهمة جديدة تقوم الدولة بإنشائها وبدل من تحويل كل هذه الاموال للدائنين يضخ جزء منها للاستثمار وزيادة الانتاج وخفض معدلات البطالة والتضخم وعجز الموازنة وزيادة ايرادات الدولة
وعلي جانب الايرادات نري أنه هناك مبالغة كبيرة في تقدير الايرادات مع فشل الحكومة في جذب استثمارات اجنبية مباشرة واهدار فرص المؤتمر الاقتصادي بسبب البيروقراطية والتعنت والمحاباة وايضا في ظل ارتفاع سعر الدولار وبالتالي نتوقع دخول الاقتصاد المصري الي مرحلة صعبة يسيطر عليه الركود التضخمي مما يفرغ فرضية زيادة الايرادات لتصل الي 622 مليار بمعدل زيادة 28 % كما تجدر الاشارة الي ان استمرار معدل الضريبة المتوقع تحصيلها في حدود 15% من الناتج المحلي الاجمالي لهو معدل منخفض قياسا بمتوسط معدلات التحصيل للدول النامية والبالغ 23% مما يشير الي ضرورة اتخاذ الحكومة لإجراءات سريعة وعاجلة لضم الاقتصاد الغير رسمي الي الاقتصاد الرسمي وتوسيع قاعدة الضريبة كما ان التعويل علي زيادة الايرادات كأثر متوقع لتطبيق ضريبة القيمة المضافة في ظل توقعاتنا للدخول في موجة ركود تضخمي يفرغ هذا التوقع من صحته .
وبناء علي ما تقدم نري ان اغلب السياسات والافتراضات التي يستهدفها مشروع الموازنة تخاطب العالم الخارجي من حكومات ومؤسسات مالية دولية ولا تتعاطي مع الواقع المصري وهموم المواطن البسيط وطموحات الشعب المصري ولن تستطيع تحقيق الاستحقاقات الدستورية الاقتصادية .مما يترتب عليه المزيد من المشكلات علي كافة الاصعدة .
باحث اقتصادي / أيمن غازي
aymnghazee@gmail.com
دور السياسات الاقتصادية في تحقيق منظومة الاستقرار الاقتصادي من المهم التركيز على أهمية التنسيق بين السياسات الاقتصادية من أجل التوصل إلى استقرار اقتصادي تتجلى مظاهره في استمرار تحقيق لمعدلات نمو اقتصادي تواجهه التزايد المستمر في عدد السكان، وفى إيجاد فرص عمل لاستيعاب البطالة التي تهدد السلم الاجتماعي والأمن الاقتصادي، وكذلك في أستقرر للمستوى العام للأسعار بما يحفظ للنقود قوتها الشرائية في الداخل والخارج. إن تحقيق الاستقرار الاقتصادي، كهدف لكل سياسات التنمية في دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء، يستلزم التكامل بين الإجراءات المتخذة باستخدام الأدوات المتنوعة لكل السياسات الاقتصادية. إن هذا التكامل يشكل فيما بينها منظومة تتناسق أجزاؤها وتتفاعل أركانها، حيث تؤثر كل أداة وتتأثر بالأدوات الأخرى على نحو متناغم ومتوازن من أجل تحقيق الغاية التي يسعى المجتمع دائماً إليها وهى الاستقرار الاقتصادي. وهكذا يمكن النظر إلى الفكر المنظومي باعتباره إطاراً للتحليل والتخطيط يمكننا من التقدم نحو أهداف واجبة التحقيق. تعرف"المنظومة "بأنها ذلك التركيب الذي يتألف من مجموعة من الأجزاء ا
تعليقات
إرسال تعليق